
مين ما بخاف؟
من بعد ما إتزوجّت وصار عندي لارا، صار يجيني أفكار من وقت لوقت كل إم بتتمنى ما تصير بالحقيقة. أفكار إنّه معقول إخسر بنتي أو إخسر زوجي، أو حتى إنّه أنا يصرلي شي وما إقدر كون حدهم. هيدي الأفكار كانت ترعبني وتتملكني لصرت مرّات أُوعى بالليل عّم ببكي مش قادرة أعرف كيف وقّف هالأفكار وإبعدها. أكتر شي كان يخوفّني الواقع إنّه الدني والظروف أقوى منّي وما عندي القدرة الكاملة إحمي عيلتي متل ما بتمنّى.
مع إنّه مش كلنا منتصارع مع الخوف بنفس الطريقة، ومش كلنا منخاف على نفس الأمور، كلنا منخاف ومنقلق بدرجات مختلفة:
- في الإّم اللي بتتصّل بالمدرسة كل يوم كذا مرّة بالنهار لتتأكّد إنّه إبنها بخير.
- في البّي اللي ما بيصرف على شي إلّا الضروري الضروري خوفّا من المستقبل المجهول.
- في الصبيّة اللي ما بدها تروح على حفلة أو إجتماع ما خوفًا من إنّه ما يكون شكلها أو تيابها حلوين كفاية لإعجاب الآخرين وإرضاء أزواقهم.
- في المؤمن اللي بيعرف إنّه لازم يخبّر الناس عن الخلاص بالمسيح (أعمال الرسل 4:12)، بس ما بيحكي لأن بخاف من ردّة فعل الناس على هالكلام.
نعم، كلنا عنّا مخاوف. وبنفس الوقت، كلنا منفسّر هالمخاوف بطريقةً ما ومنسعى لنلاقي حلول لإلها:
- الإتصال المتكرر بالمدرسة هو إهتمام ومسؤوليّة، بس إذا بعطي إبني تليفون بتطمّن وبيرتاح بالي .
- الصرف على الضروري بس هو حكمة وتدبير، ولو مرتي بتُصرف متل ما بدّي رّح أوثق فيها أكتر.
- السعي للجمال وقبول الآخرين شي طبيعي الكّل بيطمح لإله، وإذا بشتري هالتياب وبضعف شوي، أصحابي ما رّح يكون عندها أي سبب لإنتقادي أو إنّه تفكّر حالها أحسن منّي.
- عدم حكيّ عن الإيمان هو إحترام للآخرين وإيمانهم، وإذا بكون منيح قدام الناس هيدا رّح يكون كافي يشوفوا فيّي يسوع.
يمكن بعض هالتفاسير تكون صادقة ويمكن لا: “اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟” (إرميا 17:9)، ومعقول كتير نفس هالتفاسير بحياة شخص معيّن تكون حكمة وبمحلّها، وبحياة شخص تاني تكون أعذار نابعة من خوف.
قبل ما نحّط كل أنواع الخوف بخانة إسمها ضعف، خطيّة أو مرض، خلينا نتذكّر إنّه الشعور بالخوف هوي شعور طبيعي الله عطانا ياه للأوقات اللي منشعر فيها بخطر أو تهديد. وردّة الفعل تجاه هالخطر بتأدّي للهروب، الإختباء، التجمّد وحتى الهجوم.[1] بيّ كان يقلنا نحنا وصغار إنّه اللي ما بخاف يا ميّت يا مجنون. الخوف الصحيح واللي بمحلّه طبيعي وضروري لحماية أنفسنا والآخرين من الأذى الجسدي وحتى الأذى الروحي!
الكتاب المقدّس بكتير محلّات بشجّع الإنسان على نوع جيّد من الخوف، وبسميّه خوف الله. الحكي عن خوف الله مش موضوع من العصور القديمة وأبدّاً منّه إختياري للمؤمن. بحسب الكتاب المقدس، خوف الله بساعدنا نكره الخطيّة (أمثال 8: 13)، بقودنا لنعرف الله (مزمور 25:14)، بقودنا للحكمة والفهم (أيوب 28: 28)، وبقودنا لنسلك بطرق الّرب، لنحبّ الرّب، ونخدمه من كل قلوبنا (ـثنية 10: 12).
Wayne A. Mack بكتابه Courage: Fighting Fear With Fear قال، “لازم نشوف الله على حقيقته. وقت نعمل هالشي، وقت نوقّف نشكّل الله على صورتنا ومثالنا، رّح نفهم أديش مناسب نكون مبهورين ومذهولين بمحضر الإله القدوس العظيم. بدّك برهان، بس إقرأ النصوص الكتابيّة للأشخاص اللي إختبرت محضره لتشوف كيف كانت ردّات فعلها!”[2]
هيدا هوّي خوف الله، إنّه نعرف محبة الله، عظمته وقدرته، ونتذكّر إنّه قداسته وعدله ما بتتغاضى عن الخطيّة ولا بتستخف فيها متل ما نحنا البشر ميّالين نعمل كل يوم.
ولكن، مش كل أنواع الخوف تُعّد جيّدة بالكتاب المقدّس. الكتاب المقدّس بيحكي عن مخاوف خاطئة متل الخوف نتيجة الشّك وعدم الإيمان بقدرة الله (متى 14: 25-31)، الخوف من الظروف (مزمور 46: 1-3)، الخوف من المستقبل (متى 6: 30 – 34)، والخوف من البشر (أمثال 29: 25)، والموت (مزمور 23: 4). هالمخاوف الكتاب المقدس بسمّيها خطيّة (sinful) وبيدعينا نتوب عنها ونتغيّر.
من بعد ما قريتي هالكلمات، فكّري بهالأسئلة وجاوبي عنها بطريقة محددة قد ما فيكي:
- أّي وعود من وعود الله مرّات ما عّم صدقها؟
- شو هيّ الأمور اللي خيفانة منها؟ فكري بمشاعرك، أعدائك، ظروفك، مستقبلك، مادّياتك، أو خسارة أثمن ما عندك.
- هل في أشخاص بحياتي عّم خافها أكتر من اللزوم أو المفروض؟ مين هنّي؟ وليش؟
- شو هّي الأخبار السيئّة اللي خيفانة إسماعها؟[3]
خدي وقت وكتبي أجوبتك بصدق.
إذا مخاوفك نابعة من نسيانك لسيادة الله وشخصه، تأملّي بكلمات مزمور 103 للي بيبتدي بهالكلمات:
“بارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ...“
إذا مخاوفك نابعة من خطيّة معيّنة خيفانة إنها تنكشف للناس، والذنب عّم يعذبك ويخسرك النوم، تأملّي بمزمور 32: 1 -5:
طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ. لَمَّا سَكَتُّ بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي الْيَوْمَ كُلَّهُ، لأَنَّ يَدَكَ ثَقُلَتْ عَلَيَّ نَهَارًا وَلَيْلاً. تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ. سِلاَهْ. أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: «أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي» وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي. سِلاَهْ.
إذا مخاوفك مصدرها البشر وشو رأيهم فيكي، ادرسي هالكلمات وشو تداعياتها على حياتك:
خَشْيَةُ الإِنْسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، وَالْمُتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ. (أمثال 29: 25)
ما بدّي ياكي تفكرّي إنّه بسهولة وببساطة هالأسئلة وهالآيات حتغيّرك بليلة وضحاها متل السحر. نحنا ما عّم نجرّب نطبّب جرح مميت بـضمادة صغيرة (plaster). ردّات أفعالنا الجسديّة، الفكريّة والسلوكيّة على أفكار صرلها سنين عّم تخوّفنا صارت عادات وجزء منّا وفينا وما بتتغيّر بسرعة. بس أوّل خطوة فينا نعملها هيّ إنّه نسمي الأمور على حقيقتها ونعرف مصدرها من وين جايي. وتاني خطوة والأهّم إنّه نآمن إنّه وقت يكون إيماننا عّم يُمتحّن بأوقات كتير صعبة، الله بهالحالات بكون أكتر شي حقيقي ومَعني، مش العكس!
Lou Priolo بكتابه عن الخوف قال: “عندي خبر سار لإلك: الخوف منّو شي بيتملكك من الخارج متل قبضة وحش. الخوف بالنهاية، هو شعور فيك تتعلّم تتحكّم فيه (وإنت مسؤول أمام الله لتعمل هيك). وحش الخوف خلق، عاش، ولازم ينقتل – بقلبك.”[4]
لإرجع لقصتي أنا مع الخوف، وقت شاركت الموضوع مع بعض أصدقائي، البعض نصحني: “كل ما تجي هيك أفكار على راسك، إنتهريها بإسم يسوع!” ومع إنّه أخدت هالنصيحة بجد ونفذتها، ضّلت هالأفكار تيجيني والخوف صار يكبر!
ليش؟ هل أيماني بالمسيح ضعيف؟ صغير؟ مش كافي؟ هل في شّك بقلبي؟ بركي لازم صدّق الكلام أكتر أنا وعّم قوله؟ إعنيه أكتر؟ قوله بسلطان أكبر؟ هل هالأفكار والمخاوف طبيعية لأنّي إمّ ولازم إتعلم إتأقلم معها؟ هل لازم شوف حكيم؟!
ولكن، ما في شي نفع لحتى سمحت لحالي إحكي مع الرّب عن هالموضوع وواجهه بصراحة بدل ما إنتهر الموضوع بإسمه بس. وقتها إكتشفت إنّه الصلوات اللي كنت عّم برفعها قبل كان نبعها خوف ومش إيمان. وهالنصيحة لإنتهر هيك أفكار ما كانت لا قوّة إيمان ولا سلاح لواجه في هالمخاوف بل كانت طريقة للهروب من واقع العالم اللي الرّب حطني وحضّرني لعيش فيه:
“قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ.” (يوحنا 16:33)
بهيديك اللحظات اللي واجهت فيها مخاوفي، بكيت كتير. بس الروح القدس تكلّم لقلبي بنعمة كبيرة، بأسئلة كان لازم تنسأل من زمان…
“يا جويس… ليش هيك خيفاني؟ ليش مشغولة بأمور ما فيكي تتحكمي فيها…؟ إنتي بتآمني إنّه الله صالح أو هيدا بس حكي…؟ بتآمني إنّه الله بحبّك أو هيدا كمان بس حكي…؟ وحتى لو الأسوأ صار، هل الله بيبقى صالح؟ هل محبتّه الأبديّة لإلك بالمسيح كافيّة؟”
ما أحلى هالكلمات من رومية 8: 35- 39:
“مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.”
كل شي بهالدني معقول نخسره، هيدي حقيقة ومش قلّة إيمان. بس لو شو ما صار، ولا ممكن نخسر محبّة الله لإلنا إذا نحنا بالمسيح يسوع. بصلّي هالحقايق تنرسخ بقلوبنا لتساعدنا نواجه هالحياة وصعوباتها برجاء أبدي وإيمان ثابت.
فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ. (مزمور 56: 3)
[1]https://ar.wikipedia.org/wiki/خوف
[2] Courage: Fighting Fear With Fear, page 170
[3] الأسئلة مأخوذة من كتاب: Fear: Breaking Its Grip, Lou Priolo.
[4] Fear: Breaking Its Grip, Lou Priolo, p 5.